السؤال أحس أن الدنيا ملل لدرجة أني أفكر بالانتحار، مع كل هذا فأنا لدي مشاكل كبيرة مع التعامل في العائلة وفي أي مكان، وعندما يحصل لي أي شيء حتى لو كان تافهاً أحس أن الدنيا وقعت كلها على رأسي، وأحس أني سأنفجر من الضغط، وأحس أن لدي أمراضاً نفسية، مع العلم أني شاب متدين. أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي السائل الكريم: الأعراض التي ذكرتها تتوافق مع اضطرابات الشخصية من نوع الشخصية الحساسة، القلقلة وخلافها، نصيحتي لك بمراجعة طبيب نفسي موثوق به؛ لعله يساعدك في تجاوز هذه المرحلة، سواء بالأدوية أو الجلسات للعلاج السلوكي والمعرفي، قد يكون ما تعاني منه هو نوع من تقلب المزاج واضطرابات المراهقة، أو عدم التكيف مع التغيرات التي تحصل في هذه المرحلة، كونك شاباً ملتزماً لا يعطيك هذا مناعة ضد الأمراض النفسية، بل يساعدك على تجاوز هذه المرحلة بثقة وثبات أكثر من غيرك، ولا يجب أن تلوم نفسك بوجود هذه المشاكل مع كونك ملتزماً، بل هذه إيجابية لك في حل المشكلة إذا استفدت منها ولم تجعلها عبئاً على نفسك باللوم وجلد الذات.
أخي الكريم: موضوع الانتحار موضوع يراود الكثير ممن هم في مثل حالتك، ولكن لو تأملت نفسك لو أقدمت على هذا العمل ماذا سوف تجني؟ أعتقد أن هذه النقطة وحدها كافية لإقفال هذا الموضوع، وفتح صفحة جديدة من التفاؤل والنظرة المشرفة للحياة، تقول لي: لكني أفعل هذا للهروب مما أنا فيه، أقول لك: أوافقك على المبدأ، لكن أختلف معك على الطريقة، بمعنى هل الحل لمشكلتك هو بالهروب منها، أم بمواجهتها ومعرفة أصل المشكلة وإيجاد حلول لها.
أخي السائل: تحتاج أن تعرف أن الحياة فيها الحلو والمر، السراء والضراء، الضيق والرخاء السعادة والشقاء، لكن من يستطيع أن يأخذ الجانب المضيء من هذه الحياة، ويبتعد أو يقلل من ضريبة الحياة والمدنية، أعرف أربعة جوانب من حياتك وحدِّد مشكلتك في أيها. علاقتك مع ربك- علاقتك مع نفسك- علاقتك بمن حولك (العائلة – المجتمع..) وأخيراً نظرتك المتفائلة للمستقبل.
انظر في أي هذه الأرباع يوجد النقص، واعمل على مواجهته وإصلاح الخلل الذي فيه، احرص على اللجوء إلى الله، وشاور من حولك ممن تثق بهم، وراجع طبيبك وصارحه بمشاكلك، ولا تستعجل النتيجة، وتحلَّ بالصبر، وبمشيئة الله سوف تجد الفرج والسعادة في نهاية المطاف. والله يحفظك ويرعاك.