السؤال إن أبي لا يعير اهتماماً للبيت ؛ لا حب ولا حنان بل أبسط الأشياء التي يوفرها ويسعى لها أي أب من الآباء لأبنائه ( المأوى ، والمسكن ) لا يستطيع أن يوفرها ، فالحمد لله أنا أعمل وأعين إخوتي كلهم .. وأنا صابر وراضٍ ولكن المشكلة هي أنه بدأ يمد يده على أمي بالضرب مرة وبالشتم مرة أخرى .. لكن والدتي دوماً تنصحه وتقول له : ابحث عن عمل ، وعُلْ أبناءك وبناتك من لهم غيرك ؟! افعل أي شيء ولكن لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لما تنادي .. لا يهتم بأبنائه من مريض وماذا ينقصهم ؟! صراحة حاولت معه ببعض التلميحات مرة وبالتصريحات مرة أخرى .. حتى أصبح الجميع لا يحبه ، ومحبتهم له فقط كاحترام وطاعة له دون إيذاء لا بالقول أو بالفعل ، وحتى أنا أصبحت في حيرة إن الوالدة جمعت كبار السن ( المقربين ) في الأسرة لنصحه لكن دون جدوى إن إخوتي من كثرة الضغوط والمشاكل أصبحوا في حالة لا يعلم بها إلا الله علماً أنهم في سن حساسة جداً . فأعطيك صورة عن والدي : لا يسأل أين نحن ، ولا كيف نعيش وهل نحن سعداء أم مرضى ؟! مع هذا كله و الحمد لله لم يردعني إلا ديني والإحسان له مهما أساء ، وكذلك إقناع الوالدة والإخوان بذلك ، لكن إلى متى ؟! أصبحت حياتنا جحيماً . فماذا نفعل ؟ وجزاكم الله خيراً .
الجواب أخي الكريم ، أشكر لك ثقتك .. وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد .. وأما استشارتك فلا أعلم هل كان والدك من الأصل عاطلاً عن العمل مُذْ كنتم صغاراً أم أنه أمرٌ طارئ عليه وعلى سلوكه ، ولم تلمسوا هذا التغيّر إلا من زمن قريب ؟
أما إن كان هذا الأمر قديماً عنده ( بمعنى أنه كان من الأصل عاطلاً عن العمل أي من زمن بعيد ) فلا أقول : إنه يستحيل عليك وأنت ابنه أو والدتك وهي أقرب الناس إليه وزوجته تعديل سلوكه بل أقول إن أمره صعب وفيه شيء من المشقة ؛ لأن الإنسان إذا اعتاد أمراً ولمدة طويلة فإنه يصعب عليه تغييره إلا بجهد جهيد .
لكن إن كان أمر والدك حالة حادثة ، ومن مدة ليست بالطويلة فإن العمل على إصلاح شأنه لن يكون عسيراً كالأمر السابق إن شاء الله تعالى . والوقوف على حالته بالتفصيل والنظر في مسببات الحالة التي وصل إليها سوف يساعد بلا شك في علاج حالة والدك . والذي عليك هو التواصل مع أهل هذا الشأن وأخذ مشورتهم ، وعرض حالة والدك عليهم تفصيلاً وذهابه هو نفسه إليهم سوف يساعد في هذه القضية كثيراً ، خصوصاً وأن الأمر بدأ يستفحل وذلك من خلال مدّ يده على والدتك وإخوانك بالضرب والعنف .
أمر آخر ، حاول الاتصال بأقرب الناس إليه من الناحية النفسية أي الذين يرتاح والدك إليهم كثيراً ويأنس بالقرب منهم ؛ فهم الطريق الأقصر لقلب والدك وإقناعه بضرورة علاج وإصلاح الظروف التي يمر هو بها لأن العلاج ومحاولة التعديل من سلوكه لن تنجح إذا فقدت العزيمة والشعور والاعتراف بالمشكلة . لابد أن يعي والدك أنه في مشكلة وأنه محتاج إلى حلٍ وعلاجٍ لهذا الوضع الذي هو فيه ويعايشه في الوقت الحاضر فإذا فهم ذلك كان هذا هو النقطة التي منها يبدأ العلاج .
الأمر الثاني : هو دورك أنت وإخوتك ووالدتك في التعامل معه ، فهو في النهاية والدكم ومحتاج لوقوفكم بجانبه وتفهم مشكلته وعليك أن تحمد الله عز وجل أن هيأ لك أسباب الاستقامة والشعور بالمسؤولية تجاه أهلك وإخوانك ، والمطلوب منك عدم اليأس بل الاستمرار بهذه الهمة القوية تحمّل مسؤوليتك على أتم وجه ، وستجد أن الله معك ، وسوف يوفقك في النهاية ، وسترى عاقبته بعد حين .
أمر أخير : حاول ألا يشغلك أمر والدك عن النظر في إصلاح حالك وحال إخوانك معنوياً ونفسياً وسلوكياً كن معهم وقريباً منهم ؛ فهم وإن فقدوا اهتمام والدهم مؤقتاً فقد رزقهم الله بك عوضاً ، علَّ الله أن يكشف ويصلح حال والدك . والله يرعاك ويحفظك .